بين الزهاوي وابن الخطيب:ومن فصول المعركة الهجمات التي شنها الشاعر العراقي الملحد المدعو جميل صدقي الزهاوي حيث أكثر من الطعن في الدين والتنفير من شرائعه حتى قال في الحجاب:
أخر المسلمين عن أمم الأرض ** حجاب تشقى به المسلماتفانبرى له الشيخ ابن الخطيب وعارضه قائلًا:بئس ما يدعي فلاسفة العصر من أن السفور فيه حياء وهو حق إذ أن أسلافنا الأعراب من فرط ما يحبون ماتوا.والزهاوي هو القائل في حب الإنكليز أعداء الإسلام والتنفير من الترك المسلمين:
تبصر أيها العربي واترك ** ولاء الترك من قوم لئامووال الإنجليز رجال عدل ** وصدق في الفعال وفي الكلامأحب الإ نكليز وأصطفيهم ** لمرض الإخاء في الأنامجلوا في الملك ظلمة كل ظلم ** بعدل ضاء كالبدر التماممن ديوان الزهاوي ط دار الدعوة- بيروت وله أشعار كثيرة في ذم الحجاب والتنفير منه ضربنا عنها صفحًا- عليه من الله ما يستحقه.
يا خليلي حدث عن الشرق قدمًا ** حين كانت تعظم المعجزاتحين كان القرآن يرجى ** ويخشى والقوانين آية البيناتحين كان الحديث يتلى ولا ** يرويه إلا ذوو العقول الثقاتإننا في الزمان نلقى أناسًا في ** التوضي علومهم قاصراتوهموا بعد يدعون علومًا ** أنكرتها عصورنا الخالياتليت شعري ماذا يريدون منا ** وصنوف الأذى بنا محدقاتبنت مصرهاتي سفورك واغشي ** كل ناد ولتمل منك الجهاتعرفي نفسك الغداة وطوفي ** لا تفتك الأسواق والحاناتثم أمي مجالس القوم وادعيهم ** إلى حيث لا تمل الدعاةعلنًا بالسفور نبني حصونًا ** شامخات بها ترد العداةوعسانا نرى البرايا سجودًا ** لابن مصر وقد علاه الثباتولعمري قد بكى الدين حزنًا ** حين قال الخطيب يا سيداتومن قذائف الحق في هذه المعركة:ما قاله الأديب الشاعر مصفى صادق الرافعي ردًا على دعاة تحرير المرأة:
أراك ترجين الذي لست أهله ** وما كل علم إبرة وثيابكفى الزهر ما تندى به راحة الصبا ** وهل للندى بين السيول حسابوما أحمق الشاة استفرت بظلفها ** إذا حسبت أن الشياه ذئابفحسبك نبلًا قالة الناس أنجبت ** وحسبك فخرًا أن يصونك بابلك القلب من زوج وولد ** ووالد وملك جميع العالمين رقابولم تخلقي إلا نعيمًا لبائس ** فمن ذا رأى أن النعيم عذابدعي عنك قومًا زاحمتهم نساؤهم ** فكانوا كما حف الشراب ذبابتساووا فهذا بينهم مثل ** هذه وسيان معنى يافع وكعابوما عجبي أن النساء ترجلت ** ولكن تأنيث الرجال عجابومنها: ما كان من الشاعر الأستاذ محمد حسن النجمي وقد أطلع على رد فضيلة الشيخ مصطفى صبري رحمه الله على السفوريين فأنشأ القصيدة الآتية:
زعم السفور والاختلاط وسيلة ** للمجد قوم في المجانة أغرقواكذبوا متى كان التعرض للخنا ** شيئًا تعز به الشعوب وتسبقأيكون كشف السوأتين فضيلة ** فيذيعها هذا الشباب الأحمقما بالهم والبنت قد فتنت بما ** قالوا وحل بها الجنون المطبقوبدت مقاتل عرضها لرماته ** حتى لهم به الجبان الأخرقوالقول أصبح في الخروج لها ** فلا كَفٌ تكُف ولا رتاج يغلقكرهوا الزواج بها وباتت ** سوقها بعد التبذل عندهم لا تنفقما خطبهم كلفوا بنزع حجابها ** وتكلفوا فيها البيان ونمقواوتناولوا بالضعف من حاجاتنا ** واللين ما هو بالصرامة أخلقأغدت مشاكلنا الكبيرة كلها ** ذيل يجرجره السفور المطلقأم أنهم ضلوا السبيل وغرهم ** ببريقه هذا الجديد المخلقأشبابنا المرجو صيحة جازع ** أغرى بها هذا البلاء المحدقونصيحة يفدي برائع سرها ** لقوام نهضتنا محب مشفقلا ترهفوا سمع الحفي لقالة ** أبدًا بها بوم البطالة تنعقلم يقصدوا خيرًا بها لكنهم ** رأوا القوى يسيغها فتملقواولربما أجترح القوى خطيئة ** فمضى الضعيف بمدحها يتشدققوا أهلكم ونفوسكم عارًا ** إذا لم تتقوه بغيركم لا يعلقوتناولوا بالزجر حمرًا كلما ** هيجت إلى متع الإباحة تنهقليس التمدن أن نرى روح ** الحيا بيد الخلاعة كل يوم تزهقوالبنت يدفعها براحته الهوى ** فتروح تهوى من تشاء وتعشقلكنه العلم اهتدى بضيائه ** غرب البسيطة حين ضل المشرققال الشاعر محمد إقبال في قصيدته جواب شكوى:
لقد سئم الهوى في البيد قيس ** ومل من الشكاية والعذابيحاول أن يباح العشق حتى ** يرى ليلاه وهي بلا احتجابيريد سفور وجه الحسن ** لما رأى وجه الغرام بلا نقابفهذا العهد أحرق كل ** غرس من الماضي وأغلق كل بابقد أفنت صواعقه المغاني ** وعاثت في الجبال وفي الهضابهي النار الجديدة ليس يلقى ** لها حطب سوى المجد القديمخذوا إيمان إبراهيم ينبت ** لكم في النار روضات النعيمويذكوا من دم الشهداء ** ورد سني العطر قدسي النسيمولعل مما يصور واقع المرأة الجديدة التي أنتجتها دعوة التحرير أصدق تصوير هذه القصيدة لفضيلة الشيخ عبد الفتاح عشماوي كتبها جوابًا لشاب مسلم حائر بعنوان: حيرة:
سأل الفتى هلا أزلت لحيرتي ** كيف السبيل وقد جعلتك قدوتيفأجبت أفصح ما بذاتك علني ** أجد السبيل بقدر ما في طاقتيفأجاب أبغي أن أصون غريزتي ** بزواج من تدعى بحق زوجتيليست مشاع للجميع يرونها ** تمشي لتعرض ما يذل رجولتيإن قلت صوني سمعتي وتستري ** ألفيتها عابت عليَّ رجعيتيأو قلت قال الله كان جوابها ** ما قال قاسم أو فرويد غايتيوإذا خطبت وقلت ما هو ** مهرها لم يتركوا إلا الفراغ بجعبتيوإذا رأتني بالشعيرات التي ** في عارضي طلبت إزالة لحيتيأو لا زواج وقد أطاعوا ** أمرها وأنا الطريد أجر ذيل الخيبةفإذا رضخت وصار وجهي ** ناعمًا وتزوجتني والمضيع سنتيورأيتها يومًا تغادر بيتنا ** وسألتها قالت أريد إدارتيلم يبق إلا أن أكون مكانها ** وهي التي تسعى لتجلب لقمتيوطعامها أطهو وأغسل ثوبها ** وكذاك أرضع طفلها يا بلوتيلم لا تكون وقد رأت حكامها ** أعطوا لها ما حرمته شريعتيمن لي بذات الدين تحفظ غيبتي ** غابت فلم أر من أراها زوجتيفأجبته وأنا أغالب دمعتي ** أسمعتني ما زادني من حسرتيلكن أقول وقد وُهِبْتَ ** هداية لا تيأسن وأبحث عن المهديةفهناك من صن الحياء وإنما ** غيبن خلف الخدر خدر العفةقل للتي أخضرت ولكن من ** دمن لا أشتريك لكي أبيع ديانتيلو عشت طول العمر غير مزوج ** فأنا حريص أن أبيض صفحتيولدي وعد الله حق قاطع ** عندي عروسك والزفاف بجنتي
.المصير الأسود:
وكنتيجة حتمية لذلك السفور وهذا التبرج الجاهلي الكبير ولنفس النظام التعليمي الفاسد الذي غايته المثلى وهدفه الأسمى الوظيفة الحكومية وغير الحكومية امتلأت دور الحكومة ومصالحها بالموظفات وازدحمت بهن المسارح ودور السينما وكذلك المسابح والمصطافات وضمت البلاد بالخبث وعمها الفساد وانمسخ المجتمع الإسلامي فأصبح غيره بالأمس في مظهره ومخبره وظاهره وباطنه.ثم جردت جيوش الشيطان ونفثت سمومها في كل مكان عبر السينما والتليفزيون والمسارح وإذا بنا أمام مخطط إلحادي يجوس خلال ديارنا وإذا بالزنا يحميه قانون وإذا بالفسقة والفاسقات من أهل الفن تقام لهم الأعياد وتضفى عليهم صفات البطولة وتهدى لهم الجوائز ليستعينوا بها على إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.لقد كرم الإسلام المرأة كتابًا وسنة وحفلت شريعته برفع شأنها وصيانة حقوقها لكنها أذلت نفسها لما اتبعت الذين حرضوها ضد فطرتها ودينها وفسلخوها من دينها وأبعدوها عن ربها وألقوا بها في متاهات الحياة لتقاسي شظف العيش ومكاره المحن التي ناء بها كاهل الرجل بله المرأة لقد حملوها حملًا على أن تصطف في طابور المنقادين لحضارة الغرب لتدخل جنته المنشودة ولكن بعد أن تخلع على أعتابها إيمانها بالله واليوم الآخر.
.ودفعت المرأة الثمن:
لقد فقدت المرأة التي كان يلوح لها أنصارها بسعادة التحرر والتطور- ليس فقط سعادتها- بل فقدت وجودها كله ذات قيمة في المجتمع ووزن فيه لقد قبضت فيما مضى على دينها فقبض الله عنها السوء وبسط لها الحلال حتى لم تكد تينع الثمرة في بيت أبيها إلا وتمتد يد الحلال وتقطفها فلا تفتح عينها إلا على حليلها ولكنها قد ابتذلت وأهينت على يد أصدقائها وأنصارها كان أول من زهد فيها أنصارها المخادعون ولم تعد- كما كانت- تتمتع باحترام الآباء والأزواج ولم تعد تحاط بهالة التقدير والتعظيم وإنما أصبحت في نظر الجميع أشبه بمحترفة تطلب العيش وتقرع كل باب للعمل لعلها تحصل على وظيفة- أي كانت- تدر عليها دراهم معدودة تنفق أكثرها في المساحيق للتجميل وفي الثياب القصيرة للفتنة ولفت الأنظار.هذا هو المنحدر الفظيع والهاوية السحيقة والمصير الأسود القاتم الذي انتهت إليه المرأة في كثير من بلاد المسلمين.والآن:وقد خلعت المرأة حجابها وغادرت حصنها وعصت ربها فهل جنينا حقًا التقدم والرخاء والحضارة؟لقد خالطت الرجال واختلط الحابل بالنابل فهل زالت العقد النفسية؟ وهل استقرت دواخلهما؟ وهل جنينا سوى الثمار المريرة؟لقد فتحنا بلادنا أمام الغزو الفكري اليهودي والصليبي والعلماني الذي سلط علينا سموم الشبهات وسهام الشهوات التي كانت أفتكها المرأة فهل وجدناهم أهدى من الذين آمنوا سبيلًا؟التجربة خير شاهد:إننا لن نطيل في وصف الهاوية التي تردت إليها المرأة المتحررة بفضل أنصارها وأصدقائها لأن الواقع حولنا يكفينا مؤنة هذه الإطالة إنه حقًا واقع مرير مرير تستطيع أن تدرك عواقبه وآثاره حيثما وقعت عينك في كل بيت في كل طريق في كل وظيفة.وربما إذا كنا نتكلم من خلال خيال حالم أو حتى منذ قرن واحد مضى لا تهمنا بالتحامل أو المبالغة.ولكنه واقع أليم خير من ينبئك عنه: هذه المرأة الضحية.وهؤلاء الأنصار والأصدقاء.. إن صدقوا!
.السياسة في المعركة:
معركة سلاحها الأقلام:رأينا- فيما سبق- كيف تحولت قضية تحرير المرأة المسلمة إلى حملة السفور مسعورة ضد الحجاب وكيف أخذت كلمة تحرير مدلول السفور برغم أن التحرير في الإسلام يأخذ مدلول الحجاب فكانت المحجبة هي الحرة والسافرة- أي التي تكشف وجهها- هي الأمة فكان السفور عنوان العبودية أما في ظل دعاة التحرير فأن الحجاب عندهم هو عنوان العبودية.